واصرف نيَّتك إلى أمر القلب والباطن ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله لا ينظر إلى صور كم وأعمالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم ونياتكم )) فحقِّق قولك بعملك، وعملك بنيتك وإخلاصك، ونيتك وإخلاصك بتصفيه ضميرك وإصلاح قلبك، فإن القلب هو الأصل وعليه المدار .
وفي الحديث : (( ألا إن في الجسد مضغة إذا صَلَحَتْ صَلَحَ
سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد سائر الجسد، ألا وهي القلب)) فوجب الاهتمام به، وصرف العناية إلى إصلاحه وتقويمه ، وهو - أعني القلب - سريع التقلُّب ، وكثير الاضطراب حتى قال عليه الصلاة والسلام فيه: (( إنه أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت غليانها )).
وكان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يدعو: (( يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك)) ، ويقول :((إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامها وإن شاء أزاغها )) .
وكان عليه الصلاة والسلام إذا حلف واجتهد في اليمين يقول: (( لا .. ومقلب القلوب )) .
وقال تعالى حاكياً عن إبرهيم خليله عليه السلام :(وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ* يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) [الشعراء:96-98].
فاحرص كلَّ الحرص - رحمك الله - على أن تأتي ربك بالقلب السليم من
الشرك والنفاق ، والبدعة ومنكرات الأخلاق، مثل الكبر والرياء ، و الحسد والغش للمسلمين ، وأشباه ذلك .
واستعنْ بالله واصبرْ ، واجتهدْ وشَمِّرْ ، وقُلْ كثيراً ( رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)[ال عمران:8]. فبذلك وصف الله الراسخين في العلم من عباده المومنين .