الاثنين، 25 مارس 2013

إصلاح القلب



واصرف نيَّتك إلى أمر القلب والباطن ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله لا ينظر إلى صور كم وأعمالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم ونياتكم )) فحقِّق قولك بعملك، وعملك بنيتك وإخلاصك، ونيتك وإخلاصك بتصفيه ضميرك وإصلاح قلبك، فإن القلب هو الأصل وعليه المدار .
وفي الحديث : (( ألا إن في الجسد مضغة إذا صَلَحَتْ صَلَحَ
سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد سائر الجسد، ألا وهي القلب)) فوجب الاهتمام به، وصرف العناية إلى إصلاحه وتقويمه ، وهو - أعني القلب - سريع التقلُّب ، وكثير الاضطراب حتى قال عليه الصلاة والسلام فيه: (( إنه أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت غليانها )).
وكان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يدعو: (( يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك)) ، ويقول :((إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامها وإن شاء أزاغها )) .
وكان عليه الصلاة والسلام إذا حلف واجتهد في اليمين يقول: (( لا .. ومقلب القلوب )) .
وقال تعالى حاكياً عن إبرهيم خليله عليه السلام :(وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ* يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) [الشعراء:96-98].

فاحرص كلَّ الحرص - رحمك الله - على أن تأتي ربك بالقلب السليم من
الشرك والنفاق ، والبدعة ومنكرات الأخلاق، مثل الكبر والرياء ، و الحسد والغش للمسلمين ، وأشباه ذلك .
واستعنْ بالله واصبرْ ، واجتهدْ وشَمِّرْ ، وقُلْ كثيراً ( رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)[ال عمران:8]. فبذلك وصف الله الراسخين في العلم من عباده المومنين .

الصوفية


تقوم دعوتكم الدينية على المفهوم الصوفي ويواجَه أحيانا هذا المفهوم بانتقادات حادة من البعض ما رأيكم؟


 إذا فهم معنى الصوفية بالحرص على تصفية القلوب وأخذ الصفات الصالحة النبوية والاقتداء فيها برسول الله كما فهمنا ذلك عن الأئمة الذين ينتسبون للتصوف ويسمون بالصوفية من القرون الأولى، وقرأنا في كتاب للإمام الكالابادي مؤلَّفًا من أكثر من ألف سنة وعنوانه التعرف لمذهب أهل التصوف.. ما وجدنا فيه إلا ما وجدنا في كتب الأئمة المنسوبين إلى التصوف ومن تحدث عنهم على مدى القرون بأنها الدعوة إلى الخلق الكريم وإلى تطبيق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حسب المستطاع والحرص على تصفية القلوب عن الأدران، إذا أخذنا التصوف بهذا المعنى فأهل الحرص من المسلمين على تصفية القلوب وحسن معاملة الرب سبحانه وتعالى كلهم يشتركون في هذا الوصف، لكن تطرح على العقول ويطرح على الأذهان أحيانا تصورات تكون بعيدة عن الواقع والحقيقة، ومنها ما يعلق بالتصوف كما يعلق بغيره من الإسلام على وجه العموم ومذاهب المسلمين بالتفريع. بعض العقليات تقول أن التصوف عبارة عن خنوع وتقاعس أو طبول ومزامير أو عبارة عن خزعبلات وخرافات أو ابتداع في الدين وما إلى ذلك ، كل هذا أمر مرفوض وبعيد ولا يصح أن ينسب إليه الأئمة الذين وسموا بالتصوف عبر القرون وهم المحدثون والفقهاء والأصوليون في الشريعة المطهرة وأهل التفسير والحديث والفقه، الكل منهم ينسب إلى التصوف حتى رواية كتب السنة الموجودة عندنا لابد أن تمر في سندها وسندنا إلى مؤلفيها، فلا نعرف عن هذه الكلمة معنى إلا مجرد الحرص على تصفية القلوب وإقامة الأمر على حسن الإتباع للمصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وبهذا المعنى نعم وأنعم بهذه الكلمة، ولكننا لا نجعل الكلمة حاجزأ وحاجبًا بيننا وبين من يريد أن يعرف الحقيقة، وندعو ألا يستثار سريعاً بمجرد أن يسمع الكلمة كما تحصل الحساسية عند كثير من الناس لمجرد سماعهم لبعض الكلمات، انظر إلى المضمون وإن لم تعجبك الكلمة فسمه إحسانا أو فقه باطن، سمِّه تزكية نفس، سمِِّه ما شئت .. لكن المضمون هو هذا وليس عندنا غير ذلك ولن نقف من أجل الكلمة في محل صراع أو حجاب بيننا وبين فهم الحقيقة والمضمون وبين تبصير إخواننا بالواجب الذي يجب أن نقوم عليه .

الأدب مع المشايخ



با نتعلّم الأدب مع شيوخنا ، وشيوخنا وشيوخكم أهل الخير ، منهم أهل الظاهر وأهل مراتب عُلا وأبو الجميع وأصلهم ومصدرهم سيّد الوجود ، وما حد وصل من الصحابة إلاّ لمّا كان النبي أحب إليه من نفسه ومن الماء البارد وكذلك التابعين من تفانيهم في محبة الصحابة ، بل حتى بين الصحابة بعضهم البعض ، ابن عبّاس لا يضرب باب شيخه زيد بن ثابت إلى أن يسّفه التراب ، هذه سلاسل الارتباط بالاتصال الباطني بحبل المحبة ماشي ارتباط بنور الرسول إلاّ بالارتباط بحبل الشيخ ، ما هو شيخ لي ما يكره ما يكرهه الله وكيف أنت تصر على شيء يكرهه الله وتقول هذا شيخي ، الشيخ هو الذي يوصلك إلى ملك الملوك من حصر المادة والمظاهر فتتحقق بالتوبة ، ليش بغينا الصدق مع الشيوخ لأنهم بابنا إلى الله ولهذا نطلب ذلك بحسن التوبة والإقلاع عن المعاصي والآثام لأن اللي ما يحبه الله هم ما يحبونه .




كيف أربِّي أولادي ليحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، مع أن هناك قدوات كثيرة تُجاذب القلوب الآن لاتباعها؟
لا شك أن الأمر راجعٌ إلى وعيٍ وصدقِ عزيمة؛ أما الوعي فمُتعلِّق بوعي المسؤولية وإدراكها، ثم وعيُ العلم الذي يُطرح للولدِ نفسِه، ثم وعيُ الأسلوب والكيفية التي يطرحها على الولد.
وأما صدق العزيمة فهو الاهتمام البالغ المقرون بالرحمة الصادقة، وكذلك المقترن بالمحبة والعاطفة، وكذلك تعديد الوسائل والأسباب، مِن مثل إعطاء الولد حقَّه من العاطفة والرحمة والمجالسة، وطَرحِ الأمر عليه أيضاً بإقناع وحُسنِ بيان، واختيار الجلساء له والمَجالس التي يجلسها، وعَرض البرامج الطيبة التي تنمِّي فيه الإيمان والتعلق بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكَشفِ الحقيقة على ما يستعد له عقلُه ويستوعبه مِن ربطِ كلِّ ما يمكن أن يُستدعى لأن يكون قدوةً له بالآخرة وبالمصير الأكبر وبالنهاية العظمى.



قال سيدي الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ نفعنا الله وإياكم به :
النسبة إلى حبيب الرحمن الذي جاءت به الرسالة نسبة قلبية ونسبة روحية مع أهل دائرة الاستجابة لهذه الرسالة السماوية المتمثلة في الحضرة المحمدية  وكانت نسبة هذه الاستجابة نسبة بينهم وبين رب الأرض والسماء يعلي لهم بها الشأن هنا وهناك فضلاً وكرماً . وهذه النسبة مع كل مؤمن من المؤمنين من أهل الأرض والسماء تميزت واختلفت ، فكان أشرف النسب نسبة المنطويين في دائرة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من خصوص أمته فكانت لهم بهذه الخصوصية تميّز عن الأمم السابقة وتميّز عمن قبلهم من أنواع الخلائق الذين كانت معهم نسبة التوحيد ونسبة الإيمان بالملك المجيد غير أننا معشر الأمة كان لنسبتنا قوة من حيث انتماءنا لخاتم النبوة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فالحمد لله على هذه الميزة وهذه الخصوصية .

التزكية


مع الانشغالات الدنيوية الكثيرة من العمل والدراسة والمسؤوليات المتعلقة بأمور العائلة، كيف يجعل الشخص هذه التزكية مرتكز شؤونه كلها؟

 

- أن يدخل في كل شيء مما ذكره مما يشتغل به باسم الله، ولا يكون ذلك إلا بأن يحرِّر النيات الصالحة لكل ما يباشره ويقوم به، وأن يكون في أثناء قيامه به على التزامٍ بأحكام الله وشريعته، مؤدياً لحقِّ من حواليه، أمانةً وحُسنَ معاملة، ونصحاً وإرشاداً لمن يقبل ذلك، وغضًّا للطَّرف عن المَساوي وعمَّا حرَّم الله، وإعراضاً عن المعانِد والمُكابر الذي لا يريد استقبالَ الحق؛ فإذا استجمعَ وكرَّر على نفسه استحضارَ النية الصالحة وملاحظةَ هذه الآداب وما تعلق بها فهو إذاً قائم في ذاك العمل باسم الله، وحينئذٍ يتحول هذا العمل الذي يقوم به إلى ميدانِ مجاهدةٍ وارتقاءٍ بالنسبة له، ومع كل ما ذكرنا فعلامةُ الصدق فيه أن يكون أيضاً باحثاً عن وقتٍ يكون شغلُه فيه خالصاً بموروثٍ نبويٍّ مبارك من عملٍ صالحٍ أو درسٍ ، أمَّدنا الله وإياكم بكمال التوفيق.


كيف يكون للإنسان حضور في الأذكار؟


بأن يتكلَّفه في البداية، فيصرف قلبَه عن الفكر في أي شيء إلا معنى الذكر، وكلُّ ما طرأ عليه شيءٌ أعرض عنه وعاد إلى استحضار معنى الذكر، فيجعل معنى الذكر الصادر من لسانه حاضراً في قلبه؛ فبالمداومة وهي عبارة عن مجاهدةٍ على ذلك يستقر الحضور في القلب، ثم يتمكن فيصير المعنى حاضراً في القلب قبل النطق، ثم إذا تمكَّن أكثر يصير يصعب عليه أن يستحضر غير معنى الذكر، فإذا احتاج إلى استحضار شيء تكلَّف استحضار ذلك كما كان في البداية يتكلف الحضور في الذكر، هذا إن أحكمَ الدرجة الأولى ودامَ عليها، ثم وراء ما ذكرنا أيضاً درجاتٌ يصعب التعبيرُ عنها.
ولا يعرف الشوق إلا من يكابده        ولا الصبابة إلا من يعانيها
 الصبابة هي: التولُّع والعشق.
قال الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ نفعنا الله وإياكم به :
إنما ينجح ويفلح من سلّم زمامه لمفلح ومن لم يسلِّم لمفلح كيف يفلح ، ويحصل المريد على النظر من شيخه بتفانيه بالقيام بالأمر وتنفيذ المهمة وامتلاء قلبه بالمحبة والإخوّة والإجلال في الله وأفنى مقصوده ومراده ووجهته في مقصود ومراد ووجهة




قال سيدي الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ نفعنا الله وإياكم به :
قد علمتم حكمة الحق في إرسال الرسل وإنزال الكتب وفي ترتيب حتى الملائكة إنما يتجلّى على الخلق بالخلق هذا سر حمل اللواء في القيامة كذلكم ما لحظة مرّت من بعد أن فارق حبيب الله العالم إلاّ وورّاثه أساس إمداد الخلق وهم في ذلك على مراتب ينتهون إلى قطب الزمان وكامل الخلافة في الشأن ، ما أعجب مراتبهم ، على هذا مضى رجال الأمة إلى ليلتكم هذه التي أنتم فيها فيجب أن تدركوا ، نحن نكثر الإشارة في كثير من الكلام والتنبيه ولكن بعض كلاليب الناس هذه تحجبهم يظن أنه درى العبارة فما عبر وما دلالة العبارة إن لم تعبر بها ، لا بد من معرفة معنى الترقي من كان صاحب انتساب أو يظن أنه صاحب انكسار نقول الانكسار ترقي فلماذا وقفت أو يظن أنه صاحب تسليم فالتسليم زيادة لماذا وقفت هذا أمر خطير أنه يظن الإنسان أنه أدرك ، ميداننا هذا ميدان الفقر ما يمشي فيه إلاّ الفقر ، لا ترد ما عندهم بما عندك إذا أشار فلا تجعل فكرك يحجبك فإن تركت ما عندك أعطوك ما عندهم وإن تشبّثت بما عندك حجبت به ، المرء من حيث قلبه لهذا قال سيدنا الشيخ أبوبكر بن سالم ( واجعل وقوفك ما بقيت ببابنا ) ولهذا كان من أوسع أبواب الرحمة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيتخيّلوا صورته الشريفة أو صورة شيخه المنسوب إليه ، ورجال الحق مهما كان الواحد في أي درجة وأردت أن تدخل عليه من غير الباب ما يقبلك حتى النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لا يقبلك من غير أدبك ووقوفك على أبوابه لأنه ترتيب الحق كذا أنت بغيت تتعدى الحدود وتصل ، هل هذه ضحكه؟ هذه عبودية لله ما نطلب الأشياء من حيث المنع ما نطلب المنع من حيث أعطى أو عطاء من حيث مَنَعَ ، ما أعدم المداوون من يوم جاء الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، ما حصلّنا جفا ، حصلّنا شيوخ يدلّعون نحن عليهم رضوان الله ، ولله في البرية جنود اختارهم هو ، و لا هو سهل الدخول في جندية للرب ، هيّأ لكم أسباب عظيمة ، على مدى العصور ما أحد يجد مثلها كما كان المريدين يُختبرون ويُفحسون فحس ، فتهيأت هكذا لنا الأسباب فعلينا ننتبه نعرف معنى الترقي وزيادته لا تقنع بحالك لا تخلّي الركب يمشي وأنت قاعد ، الله يوّفقنا وإياكم ما نقف عند شيء من أعمالنا وعقولنا وأحوالنا أبداً إن شاء الله فتحيط بنا العناية نفتك من القيد والحصر بعدين إلى الأوج الفسيح . بغينا الملبي المجيب والصادق المستجيب وربنا أقرب قريب . 





قال سيدي الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ نفعنا الله وإياكم به
   
قد يأتي حصول التأثير الطيب النافع والرجعة في استيعاب الأعمال تدريجيا شيء فشيء لكن لابد من سعة النية والفكرة والتصور ثم متابعة الأمر لتوسيع النطاق فيه بالتدريج على وجه الإحسان ومعناه لانحتاج إلى كثرة تنظيرات ومسميات وأشكال وحياكات نحتاج إلى كثرة بذل وجهد وتضحية وعطاء وإخلاص وصدق وإنابة وذكر وشكر ودعاء ما نحتاج إلى كثرة الأقوال ولاكثرة الأشكال ولاكثرة التنظيرات مع حاجاتنا إلى الفكر الصافي والتأمل الدقيق لنقترح من الأساليب والوسائل ماهو أنفع وأكثر فائدة وأيسر لحصول الثمرة والمقصود.




قال سيدي الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ نفعنا الله وإياكم به :
نحتاج إلى كثير من التفكير والتشمير في جانب الفهم عن اللطيف الخبير ، وارتقاء درجات القرب إليه والتحبب لديه والوقوف على الباب ، وطرق الأبواب على وجهها واختيار الأوسع منها من أجل أن يتنبه الدعاة إلى قوة الجهد في تصفية البواطن ، وتنقية السرائر ، وتقويم الصفات فيهم ، بحيث يطلبون الرقي بعد ذلك في كل أيامهم ولياليهم ، بحيث لا يغفلون عنه فيأخذون عدته ، وهي الانطواء في المشايخ ، وتعلّم إنكار الذات التي تتطهر وتتنظف وتتزكى وتُرتضى ، وأنه دون إنكارها لا يصح تسليمها ، ما دامت ذاتك معك موجودة ، فإن كنت تعرف أن تطهِّر طهرّها  ، لكن إذا سلمتها فالمسلَّمة أولى بتطهيرها وتنقيتها . كالذي يقف على المنظِّف والمغسِّل ويقول له هذه ثيابي أريد منك غسلها ، ويمشي بها معه ، أو يكون لابساً لها ولا يريد إخراجها ، ويمر كل يوم على المغسِّل ويقول له : غسِّل ثيابي ، يقول له المغسِّل: هل أنت تستهزي ؟ فماذا الآن أنت لابس ؟ إذا أردت مني غسلها بصدق فأعطني ملابسك ، فمعنا المغاسل التي تنظف ... سننظفها لك ، بل وسنكويها بعد ذلك ، وهكذا .


تأثير المدرس سلبا أو إيجابا على طلبته



لتأثير المدرس على طلبته أسباب ظاهرة وأسباب باطنة ، وقد فصل ذلك الإمام أبو حامد الغزالي عليه رحمة الله تبارك وتعالى في بيان وظائف المرشد المعلم من كتاب العلم من إحياء علوم الدين، كما هو مبيَّن على ألسنة أئمة الدين من أهل الرسوخ والتمكين والدلالة على الحق تبارك وتعالى.

 فأهم الأسباب الظاهرة: الإتقان والإحسان والاستيعاب وحسن البيان والتفهيم، وأن يكون المعلم قدوة حسنة لطلابه في تطبيق ما يعلمهم ويدعوهم إليه ائتمارًا للمأمور وانتهاءً عن المنهي عنه، ومتابعة النظر لهم أثناء التقرير ومتابعة مساءلتهم وتصحيح أجوبتهم، والثناء على المُجيد المُتقن بما لا يوقعه في الغرور، وحثِّ المتأخر المتكاسل بما لا يوقعه في اليأس.
 وأهم الأسباب الباطنة: إخلاص القصد لوجه الله الكريم، وامتلاء القلب بالرحمة والشفقة على المتعلمين، ونية إنقاذهم من جميع الشرور والفساد، وتقريبهم إلى رب العباد، وربطهم بالأسوة الذي ارتضاه ربهم لهم حبيبُه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتواضعه القلبي، وكثرة تضرعه بالأسحار، وتفقُّده لأحوال وصفات قلبه، وكثرة تأمُّله لتلك الأحوال والصفات، واستناده إلى الله، وتفويضه إليه وشهوده الأثر منه جل جلاله وتعالى في علاه..
وبضِدِّ ما ذكرنا من هذه الأسباب الظاهرة والباطنة، وبفقدِها يكون التأثير السلبي وجلب المضرة إلى المتعلمين والمتلقِّين بما يوقعُهم فيه، إما من تعالٍ وترفُّع، وإما تحاملٍ وحسد، وإما مِن فصلٍ بين العلم والعمل، وغير ذلك من المساوئ التي تحصل بسبب التعليم القائم على غير الأساس القويم .          

 

   ما هي العلوم والثقافات التي يجب على المعلم أن يتسلَّح بها ؟

العلوم والثقافات التي يجب على المعلم أن يتسلح بها:

 أولها: سعة الإطلاع في مادته التي يدرسها، واستيعابه لأطراف مسائلها وتمكُّنه فيها، ثم الحاجة شديدة في المعلمين عامة ومعلمي علوم الشريعة خاصة للإطلاع على سيرة خير المعلمين وإمامهم وقائدهم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم والتضلُّع في التعرف عليها وتأمُّل معانيها وما احتوته من إشارات ودلالات، ثم علم السلوك الذي لا يستغني عنه معلم لأي مادة ويتأكد على معلمي علوم الشريعة المطهرة، فيجب أن يتسلح به المعلِّم وأن يأخذ نصيبًا وافرًا من ذلك العلم إدراكًا ووِجدانا وذوقًا وتحقُّقا، ثم تاريخ المسلمين والأطوار التي مرت بها الأمة في نواحي حياتهم في تطبيقهم لأمر الشريعة وقيامهم بها، وما اتصل بذلك من نماذج عجيبة ومسالك شريفة وقدوات حسنة وسموٍّ في المبدأ وإبداعٍ في التطبيق والتنفيذ.


الثلاثاء، 5 مارس 2013

دور الحضارم في نشر الدين على مستوى العالم


كان لأهل حضرموت دور كبير في نشر الإسلام على مستوى العالم، خصوصاً في الشرق وأقصى الشرق، وكان بعض التجار الذين ذهبوا إلى هناك وجمعوا بين التجارة والدعوة سببا لدخول كثير من الناس في الإسلام،

 كانت بدايته في القرن السادس الهجري، يعني ما يقرب من ثمانمائة سنة، وقد كان في مناطق شرق آسيا دخول إلى الإسلام قبل هذا الوقت لكن في أفراد؛ وأكثر من أثَّروا تسعة، حتى اشتهروا بين أهل إندونيسيا بالأولياء التسعة، وصلُوا إليها من الهند وأصلهم من مدينة تريم، أولئك كانوا أصحاب تربية، وسر التربية هو الذي أثَّر في نشرهم الإسلام، فتصوُّفهم النقي مكَّنهم من إبراز الإسلام في حقيقته وجماله. كانوا يشتغلون بالتجارة، ولكن لم يكونوا مجرد تجار وما كانت التجارة ميزتهم، بل كان لهم نصيب من العلم، وقد أخذوا مفاهيم واسعة في الشريعة والإسلام، وكانت لهم تربية صوفية فاضلة بسببها تمكَّنت فيهم الأخلاق الطيبة، وكانت معاملتهم للناس بالأمانة والصدق والإحسان أقوى المؤثرات في التعريف بالإسلام، ما كانوا يعدون هذه الصفات إلا عبادةً وقُربةً إلى الله تعالى وواجباً دينياً، لا يحملهم عليها كونها وسيلة لتحصيل الأغراض ولحصول السكون والأمن وهي فيها ذلك، لكن ما كان هذا هو الحامل والدافع الوحيد لها، ولما كان الدافع طلب رضوان ربهم والحصول على الدرجات الأبدية في الآخرة كانت الأخلاق فيهم أعمق، وعلى يدِهم بدأ انتشار الإسلام وعمَّ أعداداً من عامة الشعب، ومن السلاطين الذين كانوا يحكمون، ودُعوا لتولِّي الحكم في كثير من المناطق فرفضوا، ولكن اضطر بعض أولادهم بعد تزوُّجهم ببنات السلاطين وغيرهم، وعند عدم وجود المتأهل للسلطنة من أسرة السلطان لما مات فعُيِّن ابن بنته وهو ابن أحد هؤلاء الدعاة، وكانوا أيضاً في الحكم مثال للأمانة والعدل والرحمة، فساعد ذلك على انتشار الإسلام أكثر.

 ولم تزل تلك الشعوب تشعر بأن الإسلام وصلها من حضرموت، فنشاهد هذا في عواطفهم عندما نزورهم أو يزورونا. ومن جماعة وأقارب الذين وصلوا إلى إندونيسيا قوم كانوا في جنوب الهند أيضاً هم سبب نشر الإسلام على سواحل جنوب الهند في مثل (كيرالا) ويقال لها (مليبار). وآخرون ذهبوا إلى ماليزيا والفلبين، ومثلهم جماعات توجهت إلى شرق أفريقيا.